عناية الإسلام بالعقل
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عناية الإسلام بالعقل
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله والبركاته
عناية الإسلام بالعقل
من أوضح سمات القرآن الكريم التي لفتت نظر الباحثين والدارسين إليها: إشادة القرآن بالعقل، وتوجيه النظر إلى استخدامه للوصول للحقيقة وما يفيد المجتمع الإنساني في مسيرته عبر الحياة.
وقد دعا القرآن الكريم بطريق مباشر وغير مباشر، إلى تعظيم العقل، والرجوع اليه. والعقل في اللغة العربية ضد الحمق، ويسمى العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه عما لا يحسن، وهو القوة المتهيئة لقبول العلم. ويقال للعلم الذي يستفيده الانسان بتلك القوة: 'العقل' أيضا.
وهذا العقل هو المعني بقوله تعالى: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ}(العنكبوت الآية43). ويحرص القرآن على تأكيد تعظيم العقل والرجوع اليه، حرصاً يلفت النظر، ويثير الاهتمام. ويشير القرآن الكريم إلى العقل، ومعانيه المختلفة، ومشتقاته، ومترادفاته في نحو ثلاثمائة وخمسين آية، مستخدما لذلك كل الألفاظ التي تدل عليه، أو تشير إليه. من قريب أو بعيد. من التفكير، والقلب، والفؤاد، واللب، والنظر، والتذكر، والرشد، والحكمة، والرأي، والفقة.. إلى غير ذلك من الالفاظ التي تدور حول الوظائف العقلية، على اختلاف معانيها، وخصائصها، وظلالها.مما يعتبر ايحاءات قوية بدور العقل، واهميته بالنسبة للإنسان. والقرآن لا يكتفي بهذا.. بل يذكر العقل في مقام التعظيم. والإشارة إلى وجوب العمل به، والرجوع إليه.
والإشارة إلى العقل لا تأتي عارضة، ومقتضبة في سياق آية ـ كما قال العقاد ـ بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها. مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة. وتتكرر في معرض من معارض الأمر والنهي. والتي يحض فيها الإنسان. على تحكيم عقله، أو يلام فيها الإنسان على إهمال عقله.
ولا يأتي تكرار الإشارة إلى العقل، بمعنى واحد من معانيه التي يشرحها النفسانيون. من أصحاب العلوم الحديثة. بل هي تشمل وظائف الإنسان العقلية، على اختلاف أعمالها، وخصائصها، وتتعمد التفرقة بين هذه الوظائف، والخصائص في مواطن الخطاب ومناسباته.
فلا ينحصر خطاب العقل. في العقل الوازع، ولا في العقل المدرك، ولا في العقل الذي يناط به التأمل الصادق، والحكم الصحيح، بل يعم الخطاب في الآيات القرآنية، كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصة، و وظيفة. فالعقل في مدلول لفظه العام: ملكة يناط بها الوازع الخلقي، او المنع من المحظور، والمنكر. ومن خصائص العقل التي ينبغي علينا معرفتها:
1- أنه ملكة الادراك. التي يناط بها الفهم، والتصور، وهي على كونها لازمة. لإدراك الوازع الخلقي، وإدراك أسبابه، وعواقبه. تستقل أحيانا لإدراك الأمور. فيما ليس له علاقة بالأوامر والنواهي.
2- وأنه يتأمل فيما يدركه، ويقلبه، على وجوهه، ويستخرج منه بواطنه، وأسراره، ويبني عليها نتائجه وأحكامه.
وهذه الخصائص في جملتها. تجمعها ملكة 'الحكيم' وتتصل بها ملكة الحكمة، وهي تتصل كذلك بالعقل الوازع. اذا انتهت حكمة الحكيم به، الى العلم بما يحسن، وما يقبح، وما ينبغي له ان يطلبه، وما ينبغي له ان يأباه.
3- ومن أعلى خصائص العقل الإنساني: الرشد. وهو مقابل لتمام التكوين، في العقل الرشيد.. ووظيفة الرشد. فوق وظيفة العقل الوازع، العقل المدرك، والعقل الحكيم لأنها استيقاء لجميع هذه الوظائف، وعليها مزيد من النضج والتمام، والتمييز بميزة الرشاد. حيث لا نقص، ولا اختلاف. وقد يؤتي الحكيم من نقص الإدراك.
وقد يؤتي العقل الوازع، من نقص في الحكمة، ولكن العقل الرشيد. ينجو به الرشاد. من هذا وذاك.
وفريضة التفكير في القرآن الكريم كما ـ يذكر العقاد ـ تشمل العقل الإنساني بكل ما احتواه من هذه الوظائف بجميع خصائصها، ووظائفها، ومدلولاتها. فهو يخاطب العقل الوازع، والعقل المدرك، والعقل الحكيم، والعقل الرشيد، ولا يذكر العقل عرضاً مقتضباً، بل يذكر مقصوداً مفصلاً.
فمن خطابه إلى العقل عامة، ومنه ما ينطوي على العقل الوازع قوله تعالى: {إِن فِي خَلْقِ السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ الليْلِ وَالنهَارِ وَالْفُلْكِ التِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ الناسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السمَاءِ مِنْ مَاءفَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَث فِيهَا مِنْ كُل دَابةٍ وَتَصْرِيفِ الريَاحِ وَالسحَابِ الْمُسَخرِ بَيْنَ السمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (البقرة:164) ومنه ما يخاطب العقل، وينطوي على العقل الوازع. كقوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْ كُنا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنا فِي أَصْحَابِ السعِير} (الملك:10) وهذا ما عدا الآيات التي تبتدئ بالزجر، وتنتهي الى التذكير بالعقل، لأنه خير مرجع للهداية في ضمير الانسان.. وهذا الخطاب المتكرر الى العقل الوازع، يضارعه في القرآن الكريم. خطاب متكرر مثله الى العقل المدرك، أو العقل الذي يقوم به الفهم، والوعي. وهما أعم، وأعمق من مجرد الادراك.
وكل خطاب الى ذوي الالباب في القرآن. فهو خطاب الى لب هذا العقل المدرك الفاهم. لأنه معدن الادراك، والفهم في ذهن الانسان. كما يدل عليه اسمه في اللغة العربية مثل قوله تعالى: {وَالراسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنا بِهِ كُل مِنْ عِنْدِ رَبنَا وَمَا يَذكرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ} (آل عمران الآية7)
وقوله تعالى: {وَتَزَودُوا فَإِن خَيْرَ الزادِ التقْوَى وَاتقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب} (البقرة: من الآية197).
ومن هذه الآيات نتبين: ان اللب الذي يخاطبه القرآن. وظيفته عقلية. تحيط بالعقل الوازع، والعقل المدرك، والعقل الذي يتلقى الحكمة، ويتعظ بالذكر.
وخطابه خطاب لأناس من العقلاء. لهم نصيب من الفهم والوعي، اوفر من نصيب العقل الذي يكف صاحبه عن السوء، ولا يرتقي الى منزلة الرسوخ في العلم.
اما العقل الذي يفكر، ويستخلص من تفكيره زبدة الرأي، والروية. فالقرآن الكريم يعبر عنه بكلمات متعددة. تشترك في المعنى احيانا، وينفرد بعضها بمعناه على حسب السياق في احيان اخرى، فهو الفكر، والنظر، والبصر، والتدبر، والاعتبار، والذكر، والعلم، وسائر هذه الملكات الذهنية التي تتفق احيانا في المدلول، ولكنها لا تستفاد من كلمة واحدة، تغني عن سائر الكلمات.
قال الله تعالى: {الذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكرُونَ فِي خَلْقِ السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (آل عمران: من الآية191)
قال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكرُونَ} (الأنعام: من الآية50).
بهذه الآيات وما جرى مجراها. تقررت فريضة التفكير في الإسلام، وتبين منها: أن العقل الذي يخاطبه الإسلام، هو العقل الذي يعصم الضمير، ويدرك الحقائق، ويميز بين الأمور، ويوازن بين الأضداد، ويتبصر ويتدبر.
السلام عليكم ورحمة الله والبركاته
عناية الإسلام بالعقل
من أوضح سمات القرآن الكريم التي لفتت نظر الباحثين والدارسين إليها: إشادة القرآن بالعقل، وتوجيه النظر إلى استخدامه للوصول للحقيقة وما يفيد المجتمع الإنساني في مسيرته عبر الحياة.
وقد دعا القرآن الكريم بطريق مباشر وغير مباشر، إلى تعظيم العقل، والرجوع اليه. والعقل في اللغة العربية ضد الحمق، ويسمى العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه عما لا يحسن، وهو القوة المتهيئة لقبول العلم. ويقال للعلم الذي يستفيده الانسان بتلك القوة: 'العقل' أيضا.
وهذا العقل هو المعني بقوله تعالى: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ}(العنكبوت الآية43). ويحرص القرآن على تأكيد تعظيم العقل والرجوع اليه، حرصاً يلفت النظر، ويثير الاهتمام. ويشير القرآن الكريم إلى العقل، ومعانيه المختلفة، ومشتقاته، ومترادفاته في نحو ثلاثمائة وخمسين آية، مستخدما لذلك كل الألفاظ التي تدل عليه، أو تشير إليه. من قريب أو بعيد. من التفكير، والقلب، والفؤاد، واللب، والنظر، والتذكر، والرشد، والحكمة، والرأي، والفقة.. إلى غير ذلك من الالفاظ التي تدور حول الوظائف العقلية، على اختلاف معانيها، وخصائصها، وظلالها.مما يعتبر ايحاءات قوية بدور العقل، واهميته بالنسبة للإنسان. والقرآن لا يكتفي بهذا.. بل يذكر العقل في مقام التعظيم. والإشارة إلى وجوب العمل به، والرجوع إليه.
والإشارة إلى العقل لا تأتي عارضة، ومقتضبة في سياق آية ـ كما قال العقاد ـ بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها. مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة. وتتكرر في معرض من معارض الأمر والنهي. والتي يحض فيها الإنسان. على تحكيم عقله، أو يلام فيها الإنسان على إهمال عقله.
ولا يأتي تكرار الإشارة إلى العقل، بمعنى واحد من معانيه التي يشرحها النفسانيون. من أصحاب العلوم الحديثة. بل هي تشمل وظائف الإنسان العقلية، على اختلاف أعمالها، وخصائصها، وتتعمد التفرقة بين هذه الوظائف، والخصائص في مواطن الخطاب ومناسباته.
فلا ينحصر خطاب العقل. في العقل الوازع، ولا في العقل المدرك، ولا في العقل الذي يناط به التأمل الصادق، والحكم الصحيح، بل يعم الخطاب في الآيات القرآنية، كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصة، و وظيفة. فالعقل في مدلول لفظه العام: ملكة يناط بها الوازع الخلقي، او المنع من المحظور، والمنكر. ومن خصائص العقل التي ينبغي علينا معرفتها:
1- أنه ملكة الادراك. التي يناط بها الفهم، والتصور، وهي على كونها لازمة. لإدراك الوازع الخلقي، وإدراك أسبابه، وعواقبه. تستقل أحيانا لإدراك الأمور. فيما ليس له علاقة بالأوامر والنواهي.
2- وأنه يتأمل فيما يدركه، ويقلبه، على وجوهه، ويستخرج منه بواطنه، وأسراره، ويبني عليها نتائجه وأحكامه.
وهذه الخصائص في جملتها. تجمعها ملكة 'الحكيم' وتتصل بها ملكة الحكمة، وهي تتصل كذلك بالعقل الوازع. اذا انتهت حكمة الحكيم به، الى العلم بما يحسن، وما يقبح، وما ينبغي له ان يطلبه، وما ينبغي له ان يأباه.
3- ومن أعلى خصائص العقل الإنساني: الرشد. وهو مقابل لتمام التكوين، في العقل الرشيد.. ووظيفة الرشد. فوق وظيفة العقل الوازع، العقل المدرك، والعقل الحكيم لأنها استيقاء لجميع هذه الوظائف، وعليها مزيد من النضج والتمام، والتمييز بميزة الرشاد. حيث لا نقص، ولا اختلاف. وقد يؤتي الحكيم من نقص الإدراك.
وقد يؤتي العقل الوازع، من نقص في الحكمة، ولكن العقل الرشيد. ينجو به الرشاد. من هذا وذاك.
وفريضة التفكير في القرآن الكريم كما ـ يذكر العقاد ـ تشمل العقل الإنساني بكل ما احتواه من هذه الوظائف بجميع خصائصها، ووظائفها، ومدلولاتها. فهو يخاطب العقل الوازع، والعقل المدرك، والعقل الحكيم، والعقل الرشيد، ولا يذكر العقل عرضاً مقتضباً، بل يذكر مقصوداً مفصلاً.
فمن خطابه إلى العقل عامة، ومنه ما ينطوي على العقل الوازع قوله تعالى: {إِن فِي خَلْقِ السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ الليْلِ وَالنهَارِ وَالْفُلْكِ التِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ الناسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السمَاءِ مِنْ مَاءفَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَث فِيهَا مِنْ كُل دَابةٍ وَتَصْرِيفِ الريَاحِ وَالسحَابِ الْمُسَخرِ بَيْنَ السمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (البقرة:164) ومنه ما يخاطب العقل، وينطوي على العقل الوازع. كقوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْ كُنا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنا فِي أَصْحَابِ السعِير} (الملك:10) وهذا ما عدا الآيات التي تبتدئ بالزجر، وتنتهي الى التذكير بالعقل، لأنه خير مرجع للهداية في ضمير الانسان.. وهذا الخطاب المتكرر الى العقل الوازع، يضارعه في القرآن الكريم. خطاب متكرر مثله الى العقل المدرك، أو العقل الذي يقوم به الفهم، والوعي. وهما أعم، وأعمق من مجرد الادراك.
وكل خطاب الى ذوي الالباب في القرآن. فهو خطاب الى لب هذا العقل المدرك الفاهم. لأنه معدن الادراك، والفهم في ذهن الانسان. كما يدل عليه اسمه في اللغة العربية مثل قوله تعالى: {وَالراسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنا بِهِ كُل مِنْ عِنْدِ رَبنَا وَمَا يَذكرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ} (آل عمران الآية7)
وقوله تعالى: {وَتَزَودُوا فَإِن خَيْرَ الزادِ التقْوَى وَاتقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب} (البقرة: من الآية197).
ومن هذه الآيات نتبين: ان اللب الذي يخاطبه القرآن. وظيفته عقلية. تحيط بالعقل الوازع، والعقل المدرك، والعقل الذي يتلقى الحكمة، ويتعظ بالذكر.
وخطابه خطاب لأناس من العقلاء. لهم نصيب من الفهم والوعي، اوفر من نصيب العقل الذي يكف صاحبه عن السوء، ولا يرتقي الى منزلة الرسوخ في العلم.
اما العقل الذي يفكر، ويستخلص من تفكيره زبدة الرأي، والروية. فالقرآن الكريم يعبر عنه بكلمات متعددة. تشترك في المعنى احيانا، وينفرد بعضها بمعناه على حسب السياق في احيان اخرى، فهو الفكر، والنظر، والبصر، والتدبر، والاعتبار، والذكر، والعلم، وسائر هذه الملكات الذهنية التي تتفق احيانا في المدلول، ولكنها لا تستفاد من كلمة واحدة، تغني عن سائر الكلمات.
قال الله تعالى: {الذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكرُونَ فِي خَلْقِ السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (آل عمران: من الآية191)
قال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكرُونَ} (الأنعام: من الآية50).
بهذه الآيات وما جرى مجراها. تقررت فريضة التفكير في الإسلام، وتبين منها: أن العقل الذي يخاطبه الإسلام، هو العقل الذي يعصم الضمير، ويدرك الحقائق، ويميز بين الأمور، ويوازن بين الأضداد، ويتبصر ويتدبر.
RAED- وسام
- عدد الرسائل : 101
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 15/02/2007
رد: عناية الإسلام بالعقل
وبهذا قام الإسلام بوثبة كبيرة أطلق بها العقول من أسارها، ودفعها للتأمل في ملكوت السماوات والأرض، وليكون الإيمان مبنيا على الفهم والإقناع، لا على المكابرة والإرهاب، وقد اتخذ الإسلام في منهجية الوثبة أربع خطوات.
أولها: محاربة الجمود والتقليد، لأن البناء على أساس عقلي متين يقتضي تنقية الرواسب والأكداس، التي خلفتها القرون الماضية، وأكسبتها طابع القداسة، فهيمنت على العقول، وحجبتها عن البحث، والتأمل، والتفكير، والتنافس في العلم.
وقد أنب القرآن المشركين على تمسكهم بآراء السابقين من الآباء والأجداد، ولو كانوا على ضلال مبين، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ وَمَثَلُ الذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً صُم بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} (سورة البقرة الآية 170، 171).
ثانيها: مكافحة المكابرة والعناد. والمعاندون هم الذين يرون الحقائق ماثلة امام اعنيهم، ولكنهم يكابرون، ويجادلون، ويختلقون الاكاذيب. لطمس الحقائق، وصرف العقول، وهم الذين يقول الله تعالى فيهم: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَق بَعْدَ مَا تَبَينَ كَأَنمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} (لأنفال:6) واذا وضح الحق ماثلا امامهم لا سبيل الى نكرانه، كابروا: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنةٍ مِما تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَاب} (فصلت: من الآية5).
فإذا أحرجتهم الحقائق الملموسة، تعنتوا في جدالهم، وطالبوا بالمستحيلات: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً} (الاسراء:91)
ثالثها: التأمل والاستنباط. فبعد ان تحرر العقول من اغلال التقاليد، والمعتقدات الفاسدة، وبعد ان تكشف اباطيل المكابرين المتعنتين.. تستطيع العقول ان تنطلق حرة طليقة، باحثة عن الحق، متطلعة الى الهداية، منقبة عن الصواب.
وقد ناشد الاسلام: ان نتأمل في ملكوت السموات والارض، وان نتدبر ما ابدع الله من كائنات: {إِن فِي خَلْقِ السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ الليْلِ وَالنهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (آل عمران:190) قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} (سورة الغاشية الآية 17-20).
ولا يكتفي الاسلام بهذا، بل انه يحفزنا ايضا الى التأمل الذاتي في تكويننا الجسمي والعقلي: {فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِم خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصلْبِ وَالترَائِبِ} (سورة الطارق الآية 5-7).
وكلما لفت القرآن نظر المسلمين إلى آية من آيات الله، أهاب بالعقل أن يتدبرها: {إِن فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (الزمر: من الآية21).
رابعها: النتائج العقلية مؤيدة بالبراهين، وبعد أن تنشط العقول من عقالها، وتتدبر ملكوت السموات والأرض، يعينها الإسلام على الوصول الى النتائج العلمية. مؤيدة بالدليل الملموس: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا} (الانبياء: من الآية22)
وهكذا نجد الحقيقة الكبرى مقررة مدعمة بالبرهان العقلي النافع، الذي لا يعتريه شك أو إبهام، ولا يكتفي القرآن في تقرير المبادئ العليا بدليل واحد، أو برهان مفرد، بل يسوق البرهان معززا بالبرهان، حتى لا يدع للمكابرين حجة أو دليلا.
والوسائل التي اتخذها الإسلام لوثبته تعتمد على خطوات كثيرة أهمها:
1- التأمل، والدراسة، والتدبر في ملكوت السموات والأرض، وما خلق الله من كائنات.
2- البحث العلمي بالانتشار في إقطار الأرض لدراسة الجبال والأنهار والصحاري والبحار ومعرفة النبات والحيوان ووسائل الاستفادة من كل هذه الكائنات. قال تعالى: {هُوَ الذِي أَنْزَلَ مِنَ السمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزرْعَ وَالزيْتُونَ وَالنخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُل الثمَرَاتِ إِن فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكرُونَ وَسَخرَ لَكُمُ الليْلَ وَالنهَارَ وَالشمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنجُومُ مُسَخرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِن فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (النحل:12) فالله سبحانه وتعالى لم يخلق هذه الكائنات عبثا، وانما سخرها للانسان لينتفع بها بعد دراسة اساليب هذا الانتفاع، على ان نستخدم العقل والحواس معا في سبيل استنباط ايسر السبل، واسهل الوسائل لهذا الانتفاع.
3ـ وكثيرا ما يلفت القرآن الكريم. إلى أن وسيلة العلم هي: البحث والتفكير. قال تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل:78) وقد يغفل الناس عن أمر فيلفتهم إليه ليستغلوه، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلناس} (الحديد: من الآية25).
الاستفادة مما تركه السابقون من معارف وعلوم وآثار. ليمحصوها ويدرسوها ثم يضيفوا إليها، ما يهديهم إليه البحث من الحقائق ونظريات. قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} (العنكبوت: من الآية20).
وللاتعاظ بما وقع فيه السابقون من أخطاء. قال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَد مِنْهُمْ قُوةً} (الروم: من الآية9).
وكثيرا ما يضرب القرآن الأمثلة بالأمم السابقة. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ التِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الذِينَ جَابُوا الصخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَب عَلَيْهِمْ رَبكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِن رَبكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (الفجر:6- 14) وكثيرا ما يلفت القرآن الكريم النظر الى ان الحكمة ضالة المؤمن يلتمسها انى وجدها قال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} (الذريات:20) ثم يقرع الغافلين عن البحث، والدرس، والملاحظة التجريبية. فيقول تعالى: {وَكَأَينْ مِنْ آيَةٍ فِي السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (يوسف:105) ثم تدعو إلى سؤال علماء الأمم الأسابقة، أو من ورثوا عنها. هذه العلوم، والمعرفة والتثبيت قال تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَك مِما أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} (يونس: من الآية94).
4- الرحلة في طلب العلم. فقد ذكر الله عز وجل. في القرآن الكريم. رحلة نبيه موسى في طلب العلم. إلى الخضر، وانتقاله معه. دارسا متعلما. ويقول الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلم: (من سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقا إلى الجنة).
وتلبية لهذا الامر شد المسلمون الاولون الرحال، وقطعوا الفيافي، وجابوا البحار. في طلب الحديث، والفقه، وعلوم الدين، والدنيا. فنشروا العلم في انحاء الارض، ونهضوا بالثقافة الانسانية. الى اعلى المستويات، وأسسوا حضارة علمية. سيطرت على العالم كله مئات السنين.
بقلم الدكتور أحمد السايح - مصر
المصدر مجلة التقوى
وبنشر رائد
أولها: محاربة الجمود والتقليد، لأن البناء على أساس عقلي متين يقتضي تنقية الرواسب والأكداس، التي خلفتها القرون الماضية، وأكسبتها طابع القداسة، فهيمنت على العقول، وحجبتها عن البحث، والتأمل، والتفكير، والتنافس في العلم.
وقد أنب القرآن المشركين على تمسكهم بآراء السابقين من الآباء والأجداد، ولو كانوا على ضلال مبين، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ وَمَثَلُ الذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً صُم بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} (سورة البقرة الآية 170، 171).
ثانيها: مكافحة المكابرة والعناد. والمعاندون هم الذين يرون الحقائق ماثلة امام اعنيهم، ولكنهم يكابرون، ويجادلون، ويختلقون الاكاذيب. لطمس الحقائق، وصرف العقول، وهم الذين يقول الله تعالى فيهم: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَق بَعْدَ مَا تَبَينَ كَأَنمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} (لأنفال:6) واذا وضح الحق ماثلا امامهم لا سبيل الى نكرانه، كابروا: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنةٍ مِما تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَاب} (فصلت: من الآية5).
فإذا أحرجتهم الحقائق الملموسة، تعنتوا في جدالهم، وطالبوا بالمستحيلات: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً} (الاسراء:91)
ثالثها: التأمل والاستنباط. فبعد ان تحرر العقول من اغلال التقاليد، والمعتقدات الفاسدة، وبعد ان تكشف اباطيل المكابرين المتعنتين.. تستطيع العقول ان تنطلق حرة طليقة، باحثة عن الحق، متطلعة الى الهداية، منقبة عن الصواب.
وقد ناشد الاسلام: ان نتأمل في ملكوت السموات والارض، وان نتدبر ما ابدع الله من كائنات: {إِن فِي خَلْقِ السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ الليْلِ وَالنهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (آل عمران:190) قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} (سورة الغاشية الآية 17-20).
ولا يكتفي الاسلام بهذا، بل انه يحفزنا ايضا الى التأمل الذاتي في تكويننا الجسمي والعقلي: {فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِم خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصلْبِ وَالترَائِبِ} (سورة الطارق الآية 5-7).
وكلما لفت القرآن نظر المسلمين إلى آية من آيات الله، أهاب بالعقل أن يتدبرها: {إِن فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (الزمر: من الآية21).
رابعها: النتائج العقلية مؤيدة بالبراهين، وبعد أن تنشط العقول من عقالها، وتتدبر ملكوت السموات والأرض، يعينها الإسلام على الوصول الى النتائج العلمية. مؤيدة بالدليل الملموس: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا} (الانبياء: من الآية22)
وهكذا نجد الحقيقة الكبرى مقررة مدعمة بالبرهان العقلي النافع، الذي لا يعتريه شك أو إبهام، ولا يكتفي القرآن في تقرير المبادئ العليا بدليل واحد، أو برهان مفرد، بل يسوق البرهان معززا بالبرهان، حتى لا يدع للمكابرين حجة أو دليلا.
والوسائل التي اتخذها الإسلام لوثبته تعتمد على خطوات كثيرة أهمها:
1- التأمل، والدراسة، والتدبر في ملكوت السموات والأرض، وما خلق الله من كائنات.
2- البحث العلمي بالانتشار في إقطار الأرض لدراسة الجبال والأنهار والصحاري والبحار ومعرفة النبات والحيوان ووسائل الاستفادة من كل هذه الكائنات. قال تعالى: {هُوَ الذِي أَنْزَلَ مِنَ السمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزرْعَ وَالزيْتُونَ وَالنخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُل الثمَرَاتِ إِن فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكرُونَ وَسَخرَ لَكُمُ الليْلَ وَالنهَارَ وَالشمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنجُومُ مُسَخرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِن فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (النحل:12) فالله سبحانه وتعالى لم يخلق هذه الكائنات عبثا، وانما سخرها للانسان لينتفع بها بعد دراسة اساليب هذا الانتفاع، على ان نستخدم العقل والحواس معا في سبيل استنباط ايسر السبل، واسهل الوسائل لهذا الانتفاع.
3ـ وكثيرا ما يلفت القرآن الكريم. إلى أن وسيلة العلم هي: البحث والتفكير. قال تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل:78) وقد يغفل الناس عن أمر فيلفتهم إليه ليستغلوه، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلناس} (الحديد: من الآية25).
الاستفادة مما تركه السابقون من معارف وعلوم وآثار. ليمحصوها ويدرسوها ثم يضيفوا إليها، ما يهديهم إليه البحث من الحقائق ونظريات. قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} (العنكبوت: من الآية20).
وللاتعاظ بما وقع فيه السابقون من أخطاء. قال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَد مِنْهُمْ قُوةً} (الروم: من الآية9).
وكثيرا ما يضرب القرآن الأمثلة بالأمم السابقة. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ التِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الذِينَ جَابُوا الصخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَب عَلَيْهِمْ رَبكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِن رَبكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (الفجر:6- 14) وكثيرا ما يلفت القرآن الكريم النظر الى ان الحكمة ضالة المؤمن يلتمسها انى وجدها قال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} (الذريات:20) ثم يقرع الغافلين عن البحث، والدرس، والملاحظة التجريبية. فيقول تعالى: {وَكَأَينْ مِنْ آيَةٍ فِي السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (يوسف:105) ثم تدعو إلى سؤال علماء الأمم الأسابقة، أو من ورثوا عنها. هذه العلوم، والمعرفة والتثبيت قال تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَك مِما أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} (يونس: من الآية94).
4- الرحلة في طلب العلم. فقد ذكر الله عز وجل. في القرآن الكريم. رحلة نبيه موسى في طلب العلم. إلى الخضر، وانتقاله معه. دارسا متعلما. ويقول الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلم: (من سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقا إلى الجنة).
وتلبية لهذا الامر شد المسلمون الاولون الرحال، وقطعوا الفيافي، وجابوا البحار. في طلب الحديث، والفقه، وعلوم الدين، والدنيا. فنشروا العلم في انحاء الارض، ونهضوا بالثقافة الانسانية. الى اعلى المستويات، وأسسوا حضارة علمية. سيطرت على العالم كله مئات السنين.
بقلم الدكتور أحمد السايح - مصر
المصدر مجلة التقوى
وبنشر رائد
RAED- وسام
- عدد الرسائل : 101
العمر : 57
تاريخ التسجيل : 15/02/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء سبتمبر 16, 2009 3:39 pm من طرف mahmoudram2030
» صوره للمصحف الشريف
الخميس مايو 29, 2008 10:45 am من طرف crazy woman
» صور تبين عظمة الخالق ..... خسارة إن لم تدخل.
الخميس مايو 29, 2008 10:43 am من طرف crazy woman
» قصة سبأ
الخميس مايو 29, 2008 10:33 am من طرف crazy woman
» قص دينية قصيرة ومفيده
الخميس مايو 29, 2008 9:43 am من طرف crazy woman
» لحفظ القرآن
الخميس مايو 29, 2008 7:00 am من طرف المدير
» الاخلاص
الخميس مايو 29, 2008 6:59 am من طرف المدير
» عناية الإسلام بالعقل
الخميس مايو 29, 2008 6:59 am من طرف المدير
» كن في الدنيا كأنك غريب
الخميس مايو 29, 2008 6:58 am من طرف المدير